ڤيروس كورونا بين سُلطان الله ومسؤوليَّة الإنسان

مارس 18, 2021 | أبحاث


الناس منقسمة حاليًا لفئتين ..
الأولى: بتقول ان كورونا تأديب من الله عشان نتوب .. ومحتاجين صلاة وتوبة عشان نرجع لله.
التانية: بتقول ان الله ملوش دعوة بالموضوع ..
وفساد البشر وحريّتهم هما السبب، والله متعاطف معانا.

الأولى: عظَّمِت من سُلطان الله، على حساب صلاحه .. فخلِّتنا نتساءل: هل هذا الإله صالح، ويستحق العبادة؟

التانية: عظَّمِت من رحمة الله، على حساب سلطانه .. فخلِّتنا نتساءل: هل هذا الإله قدير، أم يستحق الرثاء؟

الحقيقة ان صراع الإنسان ومحاولته توفيق سُلطان الله مع صلاحه .. هو صراع قديم، قِدَم الإنسان نفسه، وكل خبرة ليها ظروفها. الكتاب المُقدَّس بيحُطّ صلاح الله جنب سلطانه، وبيؤكِّد الاتنين .. كل محاولة بشريَّة للتوفيق بينهم، هي محاولة فاشلة وهتفضل فاشلة .. يا إما هتعظَّم قدرته، وتحُط صلاحه على المَحَكّ، فمش هنحبُّه .. يا إما هتعظَّم رحمته، وتحُطّ قدرته على المَحَكّ، فمش هنثق فيه!


المسيحيَّة بتعلِّمنا كذا حاجة في الموقف الصَّعب اللي احنا فيه ده:

(١) بلاش نفترض حاجات عن الله ونتكلِّم زي ما نكون عارفين ..
إحنا أجهل من إننا نجزِم الله وكورونا علاقتهم إيه ببعض.

(٢) أي حد بعيد عن الله، محتاج رسالة توبيخ (طول الوقت) ..
وأي حد قريّب منه، محتاج رسالة تشجيع (طول الوقت).

(٣) الكنيسة لازم تثق في سلطان الله، وتصلّي انه يتمِّم مشيئته ..
ولازم تثق في صلاحه، وتصلّي انه يتدخَّل ويرحم.

(٤) محدِّش فينا يعرف مصدر كورونا ..
سواء كان طبيعي، بسبب قوانين للطبيعة مش عارفينها .. أو كان مُسيَّس، بسبب مصالح وسياسات دول وشركات أدوية. لكن اللي نعرفه انِّنا محتاجين ناخد احتياطاتنا، ونحمي نفسنا قدر الإمكان.

(٥) الكتاب فيه فكرتين متوازيتين قُدَّام موضوع الألم ..
فكرة “المجازاة”:
وهي إن أي ألم بيتعرَّض ليه الإنسان، هو نتيجة طبيعيَّة لأفعاله ..
ودي يُمثِّلها سفر الأمثال مثلًا لما بيقول:
“من يحفر حفرة يسقط فيها، ومن يُدحرج حجرًا يرجع عليه” (أم٢٧:٢٦).
وفكرة “الصراع”:
وهي إن فيه آلام كتيرة بيتعرَّض ليها الإنسان ..
من غير ما يكون عمل حاجة غلط، ومن غير ما يكون ليها سبب واضح ..
ودي يُمثِّلها سفر أيوب، اللي على الرغم من ألمه، يشهد عنه الله إنه:
“ليس مثله في الأرض رجل كامل ومستقيم، يتَّقي الله ويحيد عن الشر” (أي٨:١)

فبلاش نفترض ان الله بيجازينا طول الوقت بسبب خطايانا .. ولا نفترض اننا أبرياء، والله بيرثي لينا ومش عارف يعمل إيه .. كل خبرة وليها ظروفها، وليها أسبابها، ومفيش تعميم للألم .. الألم يستلزم مسؤوليَّة نقف بيها قُدَّامه قدر الإمكان .. وصراع وحوار مع الله، نتضرَّع بيهم ليه عشان يتدخَّل .. وثقة في صلاحه وسلطانه، وان مفيش حاجة برَّه سلطانه. الله مسؤول دائمًا، لكنه ليس مُدان أبدًا!
آمين!

-ديڨيد ويصا

Share This